المدير Admin
عدد الرسائل : 176 العمر : 35 الموقع : TEBESSA العمل/الترفيه : العمل الهواية : الإنترنت نقاط : 369 تاريخ التسجيل : 17/09/2008
| موضوع: الحياة العقلية عند العرب في الجاهلية : الأحد نوفمبر 01 2009, 05:43 | |
|
الحياة العقلية عند العرب في الجاهلية :
جزيرة العرب شحيحة المياه كثيرة الصحاري والجبال فلم يشتغل أهلها بالزراعة لجدب الأرض. والإنسان صنيعة الإقليم، فنشأ العرب على ما تقتضيه البلاد المجدبة من الارتزاق بالسائمة والترحال في طلب المرعى، فغلبت البداوة على الحضارة فيهم وانصرف أكثر همهم إلى تربية الماشية وهي قليلة بالنظر إلى احتياجاتهم فنشأ بينهم التنازع عليها وجرّهم التنازع إلى الغزو واضطرهم الغزو إلى الانتقال بخيامهم وأنعامهم من نجع إلى نجع ومن صقع إلى صقع ليلاً ونهاراً. وجوّهم صافٍ وسماؤهم واضحة فعولوا في الاهتداء إلى السبل على النجوم ومواقعها. واحتاجوا في مطاردة أعدائهم إلى استنباط الأدلة للكشف عن مخابئهم فاستنبطوا قيامة الأثر وألجأهم ذلك أيضاً إلى توقي حوادث الجو من المطر والأعاصير ونحوها فعنوا بالتنبؤ بحدوث الأمطار وهبوب الرياح قبل حدوثها وهو ما يعبرون عنه بالأنواء ومهاب الرياح. ودعاهم الغزو من الجهة الأخرى إلى العصبية لتأليف الأحزاب فعمدوا إلى الأنساب يترابطون بها، وحيث أقاموا في بادية صفا جوها وأشرقت سماؤها صفت أذهانهم وانصرفت قرائحهم إلى قرض الشعر يصفون به وقائعهم أو يبينون به أنسابهم أو يعبرون به عن عواطفهم، وقويت فيهم ملكة البلاغة فبرعوا في إلقاء الخطب على أن العرب لم يسلموا مما وقع فيه معاصروهم من الأمم العظمى من اعتقاد الكهانة والعرافة وزجر الطير وخط الرمل وتعبير الرؤيا، وقد سميناها علوماً بالقياس على ما يماثلها عند الأمم الأخرى في عصر العلم وإلا فالعرب لم يتعلموها في المدارس ولا قرأوها في الصحف ولا ألفوا فيها الكتب لأنهم كانوا أميين لا يقرؤون ولا يكتبون وإنما هي معلومات تجمعت في ذاكرتهم بتوالي الأجيال بالاقتباس أو الاستنباط وتنقلت في الأعقاب، أما علومهم فهي:
1 _ الطب :
شبه الجزيرة العربية هي موطن العرب الأصلي , عاشوا فيها وأسسوا مدنيات قديمه راقية, ولابد أن الطب قد ساير تلك المدنيات وأنه كان راقياً مثلها, ولكن لم يصل ألينا شئ من أخباره, وكل من نعمله عن الطب العربي قبل الإسلام هو طب عرب الجاهلية.
والطب الجاهلي مبني في غالب الأمر علي تجارب قاصرة, ووصفات متوارثة عن مشايخ الحي وعجائزه , بعقاقير وأدوية من نباتات و أغذية, وربما يصح منها البعض, ليست على قانون طبيعي ولا علي موافقة المزاج.
وكان عماد معالجتهم الكي بالنار الذي يكاد يكون الدواء الوحيد للأمراض المعضلة .
ولم يعرف من الأطباء العرب قبل الإسلام سوى عدد قليل.
ومن هؤلاء نذكر: (الحارث بن كلدة الثقفي) : أصله من الطائف.
سافر في البلاد وتعلم الطب بناجية فارس في مدرسة جنديسابور وتمرن هناك , وعرف الداء, وبقي أيام" رسول الله صلي عليه وسلم" وأيام أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاوية رضي الله عنهم وكانت له معالجات كثيرة, ومعرفه بما كانت العرب تعتاده وتحتاج إليه من المداواة, وله كلام مستحسن فيما يتعلق بالطب وغيره, من ذلك كلام الحارث مع كسرى.
يرى أنه لما وفد على كسرى أنو شروان أذن له بالدخول عليه , فلما وقف بين يديه منتصباً قال:له أنت ؟ قال: أنا الحارث بن كلده الثقفي ,قال: الأزم , قال: فما صناعتك ؟ قال الطب ,فقال: كيف بصرك بالطب ؟قال : ناهيك, قال :فما أصل الطب ؟قال: الأزم,قال:فما الأزم ؟قال : ضبط الشفتين والرفق باليدين,قال: أصبت,وقال: فما الداء الدوى ؟ قال: إدخال الطعام , هو الذي يفني البرية , ويهلك السباع في جوف البرية , قال: أصبت.
وتطول المحاورة بين الطبيب بن كلدة وكسرة , وفيها نصائح طبية عظيمة.
ويبدو أن كسرى قد أمر بكتابتها , فأصبحت كتاباً بعنوان" المحاورة في الطب" ومن المحاورة يمكن أن نستخلص النتائج التالية
1ـ اهتمام الأطباء العرب بالناحية الوقائية أكثر من الناحية العلاجية .
2ـ اعتقادهم بنظرية الأخلاط الأربعة اليونانية .
3ـ تجنب استعمال الدواء ألا في الضرورة , وأن يكون الدواء حاسماً عند استعماله .
4ـ اعتماد الحمية كأساس في العلاج .
5ـ فيما يتعلق بطب الفم والأسنان فأن نصيحة الحارث بعدم أدجال الطعام علي الطعام تعتبر مبدءاً وقائياً مهماً لمنع حدوث نخر الأسنان .
وفي مقوله للحارث بن كلدة يرويها عنه أبو الحسن الطبري في كتابه " المعالجات البقراطيه " يربط الحارث بن كلدة بين فقدان القدرة علي الإنجاب , فقول : " من سقطت أسنانه لم يولد له ."
ويروي عن العرب في الجاهلية بعض الأوهام في الوقاية والمعالجة ومنها : أن الغلام أذا سقطت بسن أحسن منها, زعماً منهم أنة أذا لم يفعل ذلك ,ربما نبتت سنه البديلة مشوشة أو غير صحيحة .ومن مزاعمهم : أذا بثرت شفه الصبي حمل منخلاً علي ونادي بين بيوت الحي : الحلأ ... الحلأ فتلتقي له النساء كسر الخبز وإقطاع التمر واللحم في المنخل ثم يلقي للكلاب فتأكله فيبراً من المرض.
كيف عالج الأطباء الجاهليون بعض الأمراض ؟
عالج الأطباء الجاهليون الجروح بوضع الخرق بعضها فوق بعض على الجرح : أي بتضميده بها ، ويقال لذلك (الغميل). وكانوا إذا أرادوا تعريق المريض غملوه أي غطوه ليعرق ويشفى من البرد والزكام.
وذكر علماء اللغة مصطلح النطاسي وهو العالم الشديد النظر بالأمور فهي بمعنى الحاذق أو البارع.
وقد نشأ الأطباء المذكورون سابقاً في المدن ، وأقاموا في الحضر ، وتعلموا من أطباء محترفين ، آما الأعراب ، فقد كان لهم أطباء ، ولكن طبهم هو طب العرف والعادة. طب موروث يداوي بالوصفات التي داوى بها الآباء والأجداد دون تبديل أو تغيير.
وليس لطب البادية اتصال بالطب الخارجي ، إلا القريبين منه ، ومن أهم صفات الطب القبلي انه لا يثق إلا بطبه ، ولا يرى شفاء إلا من أطبائه ، وكان للطبيب المسن تأثيراً كبيراً على المريض من الناحية النفسية لاعتقاده الأخير أن الطبيب المسن له دراية وخبرة وعلم لا يتوفر بالأطباء الشبان.
ويعتمد طب البادية في علاجه على الأعشاب والرماد والألبان وبأبوال الإبل والخرز والشجر وغيرها ، وهكذا طب لا يفيد في معالجة الأمراض المستعصية ولهذا كانوا يلجأون إلى أطباء الحضر.
ويكون الشفاء عند العرب في ثلاثة : شربة عسل وشرطة محجم وكية نار ، وإذا عجز الطبيب عن شفاء مريضه لجأ إلى الكي وهو آخر الدواء.
والعسل من الأدوية التي نصح بها الأطباء في معالجة بعض الأمراض العسيرة ولا سيما أمراض المعدة وأمراض البطن ، وقد استعملت العجائن المكونة من الدقيق والتمر والسمن في معالجة امراض الجلد والمفاصل والنزلات وكذلك استخدمت مناقيع الخل والزيوت.
ومن جملة معالجة الأطباء ووصفاتهم للمرضى استعمال الحجامة عن طريق استخراج كمية من الدم بكأس هواء ، فيخرج الدم من الشرايين ، وقد استخدمت كؤوس الهواء لمعالجة الرأس والشقيقة والصداع ، كما عرف العرب قديماً الفصد وهو شق العرق لإخراج كمية من الدم للمعالجة من بعض الأمراض ، واستخدم الكي لمعالجة امراض المفاصل والجروح والقروح وآلام الرأس ، كما استعملوا البصل والثوم والكمون والخردل لمعالجة الكثير من الأمراض فاستعمل البصل والكمون لمعالجة النزلات الصدرية ، والقضاء على الديدان ، كما استُعمل الزبيب والتين والخردل والحلبة لمعالجة أمراض السعال والصدر والربو والقلب والأعصاب..
كما استعمل نبات القسط للدواء والبخور وهو عبارة عن عود يؤتى به من الهند واليمن.
كما استعمل لحاء العقد لتضميد الجروح ، وعُرف أيضاً البلسم في المعالجات الطبية في الطب القديم كما استعملت الزيوت والحبة السوداء وألبان الإبل والسواك للمحافظة على الأسنان.
كما استخدم العرب الكحل لتطبيب أمراض العيون كالرمد والمياه السوداء والبيضاء.. وقد عولج الإمساك بالحقن واستعمل الزقوم في معالجة الجروح.
وعولجت الكسور بالجبائر وبالدلك ، والأمراض التي تعرض لها الجاهليون عديدة منها : العمى والعور والتهاب العيون والرمد والأمراض التي تصيب الجلد كالبرص والجذام والبهق والسفعة ..
ومن الأمراض الخطيرة التي كانت منتشرة الحمى التي أهلكت الكثير من الناس وهي على أنواع عديدة ، وكذلك الطاعون والذبحة الصدرية والحصبة والسل والجدري وقد استخدمت النباتات في علاجها ، وقد استخدم العرب جملة من الوسائل لمكافحة المرض كتعليق العظام ورسم العين واليد على الجدران لحمايتهم من الحسد كما يعتقدون.
وعالج العرب الجنون والخبل وغيرها من الأمراض بطرق مختلفة وعرفوا الوسائل الصناعية لتغطية بعض العيوب التي تصيب أعضاء الجسم فشدوا الأسنان وقووها بالذهب ، واتخذوا أنوفا من ذهب لتغطية الأنف المقطوع.
بعض المعلومات عن الطب عند العرب قبل الإسلام من الإنترنت
لم نجد خلال الإنترنت معلومات إضافية جديدة على الموضوع سوى أسماء بعض الأطباء وبعض الأخبار ، والغالبية من المعلومات مكررة خاصة فيما يتعلق بأمور الأدوية وطرق معالجة الأمراض المختلفة.
2 _ الكهانة :
وهي أمور كانت العرب عليها فْي الجاهلية بعضها يجري مجرى الديانات، وبعضها يجري مجرى الاصطلاحات والعادات، وبعضها يجري مجرى الخرافات، وقد كانت قد هيمنت وسيطرت على عقليتهم، ولا سيما تلك الأمور التي كانت تتصل بحياتهم، كالكهانة والحداسة والرقية والتنجيس والتنجيم، وغير ذلك مما له علاقة بحياة الإنسان حتى قيل انهم كانوا "بين متكهن وحدّاس وراق ومنجس ومتنجم"
سجع الكهان:
ضرب خاص من الخطابة عرف في الجاهلية وانقرض بظهور الاسلام . لال ففي سجعهم نلاحظ عدد القوافي المكررة اكثر والغموض اعم والتكلف ظاهر ، اما الكهان فهم طبقة من الرجال كانوا في العصر الجاهلي يشغلون الوظائف الدينية الوثنية في اماكن العبادات وبيوت الالهة ، وكان يطلق على احدهم الكاهن منهم اكثم بن صيفي ، والمامور الحارثي ، ومن النساء وزبراء كاهنة بني رئام التي انذرت قومها بالغارة عليهم فقالت: واللوح الخافق ، والليل الغاسق ، والصباح الشارق ، والنجم الطارق ، والمزن الوادق .
كهان العرب
من أشهر كهان العرب في الجاهلية شقٌّ بن أنمار بن نزار وسطيح بن مازن بن غسان ، وعراف اليمامة رباح بن عجلة ، وعراف نجد هو الأبلق الأسدي ، فأما سطيح فكان مقره بلاد الشام واسمه ربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب بن عدي بن مازن غسّان
ويروي الحافظ ابن كثير في كتابه ( البداية والنهاية ) قصة كسرى عظيم الفرس ورؤيا الموبذان ( عراف القصر ) حيث رأى في المنام ذات يوم إبلا صعابا تقود خيلاً عراباً قد قطعت دجلة ، وانتشرت في بلادهم ، فلما أصبح كسرى أفزعه ذلك ، وجمع وزرائه يستشيرهم بالأمر وبينما هم كذلك إذ ورد عليهم كتاب بخمود النيران ، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام ، وارتجاج إيوان كسرى وسقطت منه أربع عشرة شرفة ، فازدادوا غماً على غمهم وغاصت بحيرة ساوة .
وتذكر القصة أن كسرى أرسل الى النعمان بن المنذر فوجّه إليه النعمان رجلاً عليماً اسمه عبد المسيح ، فلما قصَّ عليه كسرى ما رأى الموبذان ، أشار باستخبار الكاهن سطيح ، فأرسله كسرى إليه ، فأدركه وهو في حال الاحتضار ، فاستعلمه عبد المسيح عما جاء من أجله بأبيات شعر ، فلما سمع سطيح شعره رفع رأسه يقول بطريقة السجع وهو المشهور عنهم :
" عبد المسيح ، على جمل مشيخ ، أتى سطيح ، وقد أوفى على الضريح ، بعثك ملك ساسان ، لارتجاس الإيوان ، وخمود النيران ، ورؤيا الموبذان ، رأى إبلاً صعاباً ، تقود خيلاً عراباً ، قد قطعت دجلة ، وانتشرت في بلاده .
يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة ، وفاض وادي سماوة ، وغاصت بحيرة ساوة ، وخمدت نار فارس ، فليس الشام لسطيح شاما ، يملك منهم ملوك وملكات على عدد الشرافات وكل ما هو آت آت ثم قضى سطيح مكانه
رأينا في هذه القصة نموذجاً من نماذج سجع الكهان �ـ والسجع : هو تناسب آخر الكلمات لفظاً وفي الإصطلاح �الكلام المقفّى- وقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن مثل هذا السجع ، للحديث الذي رواه البخاري عن أبي هريرة t أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى في امرأتين من هذيل اقتتلتا ، فرمت إحداهما الأخرى بحجر فأصاب
: ومن ألوان هذا السجع الديني ، جاء في وصف ( ربيعة بن ربيعة) ليوم النشور، بقوله
. " يوم يجمع فيه الأولون والآخرون ، يسعد فيه المحسنون ، ويشقى فيه المسيئون"
. وهو ذات الرجل الذي يقسم بصدق قوله :
" والشفق والغسق ، والفلق إذا اتسق ، إن ما أنباءك به لحق "
.أما ( شق بن صعب ) فيصف ذات اليوم بقوله :
"يوم تجزى فيه الولايات ، يدعى فيه من السماء بدعوات ، يسمع منها الأحياء والأموات ، ويجمع فيه الناس للميقات ، يكون فيه لمن اتقى الفوز والخيرات "
. ويقسم ( أبن صعب ) لسائله بأنه يقول الحق :
"ورب السماء والأرض ، وما بينهما من رفع وخفض ، أن ما أنبئك به لحق، ما فيه أمض"
3 _ العرّافة :
ويطلق بعض علماء اللغة على الكاهن "العرّاف"، فهو عندهم مرادف للكاهن. غير ان من العلماء من يفرق بين الكلمتين، ويرى بينهما فرقاً، فالكاهن الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان، ويدعي معرفة الأسرار، والعراف هو الذي يدعي معرفة الشيء المسروق ومكان الضالة ونحوهما، أو الذي يزعم انه يعرف الأمور بمقدمات أسباب يستدل بها على مواقعها من كلام من يسأله أو فعله أو حاله. ومنهم من يذهب الى ان العراف من اختص بالإنباء عن الأحوال المستقبلية. أما الكاهن فهو الذي اختص بالإخبار عن الأحوال الماضية. وقد فرّ ق بين الكاهن والعراف في حديث: "من أتى عرافاً أو كاهناً 000". وأطلق بعضهم العراف على من يدعي الغيب مطلقاً وفي ضمنهم المنجم والحازي.
وذكر ان "العراف" الكاهن أو الطبيب أو المنجم أو الحازي الذي يدعي علم الغيب. فللكلمة معان عديدة، ولا تختص بمعنى واحد. وقد ذهب "المسعودي" إلى ان العراف دون الكاهن. ونجد هذه النظرة عند غيره أيضاً.
وخلاصة ما يفهم عن الكهانة والعرافة في روايات الأخباريين أن الكهانة هي التنبأ بواسطة تابع. وأن العرافة تكون بالملاحظات وبالاستنتاجات وبمراقبة الأشياء لاستنتاج أمور منها، يخبر بها السائلون على سببل التنبؤ. وهي على ما يظهر من تلك الروايات، دون الكهانة في المنزلة، ولم يكن للعرافين اتصال ببيوت العبادة والأصنام، ولم يكن لهم "رئي" أي "تابع"، وإنما كانوا يستنبطون ما يقولونه بذكائهم وعلى القياس. فيأخذون بالمشابهة وبالارتباط بين الحوادث، ويحكمون بما سيحدث بموجب ذلك.
العبرانيون يقولون العرافة من الحيل الشيطانية
وقد عدّ العبرانيون العرافة من الحيل الشيطانية كالسكر والتفاؤل، لأنها من رجس المشركين. وتشمل عندهم التنجيم والقرعة والزجر وما شاكل ذلك. وقد نهي عنها في الإسلام.
العرّاف والخط.
وقد اعتمد العرّاف على الخط. فكان يخط خطوطاً، ثم يخطر اليها، ليستنبط شيئأ منها، يتنبأ به للناس. ومن مشاهيرهم "حليس الخطاط الأسدي". وقد ذكر أنهم كانوا يحطون خطوطاً، ثم ينظر العراف ويقول: "ابنا عيان،اسرعا البيان، ثم يخبر بما يرى".
العراف والإسلام :
وتعتمد العرافة -كما تعتمد الكهانة - على الذكاء والتفرس في الأمور والتجارب. وقد خصصها أكثر الناس في الإسلام بالتوصل إلى معرفة الأشياء المفقودة.والعراف مما عنده من الملكات والمواهب المذكورة، يقضي ويتنبأ للناس فيما يراه، ومن أشهر العرافين في الجاهلية: عرّاف اليمامة، وهو "رباح بن كحلة" "رباج ابن عجلة" "رياح بن كحلة" المذكور في الشعر، وعرّ اف نجد وهو الأبلق الأسدي. والأجلح الزهري، وعروة بن زيد الأسدي.
وفي عرّاف اليمامة ورد قول الشاعر: فقلتُ لعرّاف اليمامه داوني فإنك ان داويتني لطبـيب
والأبلق الأسدي، هو عراف نجد، وفيه يقول عروة بن حزام: جعلت لعرّاف اليمامة حكمه وعرّاف نجد إن هما شفياني
العرافين والمستقبل :
وقد كان أهل الجاهلية يعرضون صبيانهم على "العرافين" لإخبارهم عن مستقبلهم. وكانت الأسواق مثل سوق عكاظ موئلاً لهم. فكان العراف فيها ير به للناس صبيانهم، ويقول عنهم ما يجول بخاطره، وذلك بالتفرس في وجه الصبي، ومقارنة ذلك بما حصل عليه من تجارب في هذا الباب،
أنواء
4 _ الأنواء :
أنواء جمع نوء والنوء هو سقوط النجم من المنازل القمرية فى المغرب مع الفجر وطلوع رقيبه وهو نجم آخر يقابله من ساعته فى المشرق . والنوء اعتقاد جاهلي ربط فيه العرب فى العصر الجاهلي بين ساعات شروق المنازل القمرية وغروبها وأحوال الرياح والأمطار والحر والبرد.
وقد كتب العرب فى الأنواء عددا من الكتب وصلنا القليل منها وقد عرف ابن قتيبة النوء فى كتابه الأنواء فى مواسم العرب بقوله: معنى النوء سقوط النجم منها فى المغرب مع الفجر وطلوع آخر يقابله من ساعته فى المشرق وسقوط كل نجم منها فى ثلاثة عشر يوما خلا الجبهة فإن لها أربعة عشر يوما فيكون انقضاء سقوط الثمانية والعشرين مع انقضاء السنة ثم يرجع الأمر الى النجم الأول فى ابتداء السنة المقبلة.
وكانت العرب تقول لابد لكل كوكب من مطر أو ريح أو برد أو حر فينسبون ذلك الى النجم واذا مضت مدة النوء ولم يكن فيها مطر قيل :خوي أو أخوى.
معْرفة العرب بالنجوم ومطالعها وأنوائها، ولذلك نرى رأياً للجاحظ في هذا الكلام وآراء كثيرة. يقول الجاحظ في كتابه "البيان والتبيين": وإنَّ العرب عرفوا الأنواء ونُجوم الاهتداء، لأن من كان بالصحاح الأماليس، -أي: الأرض المستوية التي ليس بها ماء ولا شجر- مضطرّ إلى التماس ما يُنْجيه ويُؤدّيه -أي: يُعْينه- ولحاجته إلى الغَيث وفِراره مِن الجَدب، وضَنه بالحياة، اضطرته الحاجة إلى تَعرُّف شَأن الغَيث، مِن أين يأتي؟ ما هي أحواله؟ ما هي مَواعِيده؟ ولأنه في كل حال يرى السماء وما يجري فيها من كوكب، ويرى التعاقب بينها، والنجوم الثوابت فيها، وما يسير منها مجْتمعاً، وما يسير منها فارِداً، وما يكون منها راجِعاً ومستقيماً؛ كل هذا تأمله في أحوال السموات والكواكب، نشأ من أن الماء يأتيه، كما قال تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ}. فالحاجة دفَعته إلى تأمّل هذه الأشياء، وتُلَخِّص أعرابية هذه المعرفة حين قِيل لها أتعرفين النجوم؟ قالت سبحان الله! أما أعرف أشباحاً وقوفاً عليَّ كلَّ ليلة. وأيضاً هناك أعرابي وصف لبعض أهل الحَاضِرة نجوم الأنواء، ونجوم الاهتداء، ونجوم ساعات الليل، والسُّعُود والنُّحُوس.
وقال قائل لشيخ عبادي: -كان حاضراً- أما ترى هذا الأعرابي يعْرف مِن النجوم ما لا نعْرِف، قال: مَنْ لا يعْرف أجزاع بيته؟ يعني: مَن الذي لا يعرف ما في سقْف بيته، نجد وسيقان النخل تُجْعل سقفاً للخيمة.
إذاً، هناك أيضاً شهادة أخرى يقولها صاعد بن أحمد، المتوفَّى (435هـ): كان للعرب معْرفة بأوقات النجوم ومطالعها ومغايبها. وأيضاً العرب عندهم معارف طبية، والعِيافَة، والتَّنَبؤ، والفِراسَة، والقِيافَة، والحِكَم والأمثال، كل ذلك يدلُّ على رجاحة العقل وعلى النظر الدقيق.
5 _ الأنساب :
كانت لهم أخبار مقتضبة تناقلوها فيما بينهم عن أسلافهم او جيرانهم من الفرس والروم . لكنهم كانت لهم معرفة واسعة بالأنساب والاحساب فجعلوا أعلى النسب عندهم الشعب الذي تتشعب منه القبائل ثم تتفرع منها العمائر ، ومن العمائر تكون البطون ، ومن البطون تكون الأفخاذ ومن الأفخاذ الفصائل.
اهتمت العرب بأنسابها اهتماما قلما تجده عند أمة أخرى فالبحث عن النسب العريق ليس فقط ميزة للنظام القبلي البدوي بل هو مصدر فخر وقوة وسند وهو منبع الشرف وأدعى للمصاهرة , ورغم ان الاهتمام بالنسب والعرق قديم ولا يختص به العرب دون غيرهم الا انه بقي وعمّر لدى العرب أكثر منه لدى الشعوب الأخرى لأن الدين الإسلامي نشأ في تلك البيئة البدوية التي نتكلم عنها وناصره أولئك البدو الأعراب الذي نتحدث بشأنهم وبقي الكثير من عاداتهم وتراثهم في الوجدان العربي الإسلامي الى الآن .
مراتب النسب الجاهلي :
الجذم : أي الأصل : قحطان وعدنان ومنهما تفرعت العرب العاربة والمستعربة .
الجمهور : الجماعة .
الشعب : سمي شعبا لأن القبائل منه انشعبت .
القبيلة : اطلق عليها هذا الاسم لأن فيها تتقابل الانساب , وهي جزء من الشعب .
العِمارة : جمعها عمائر , وهي جزء منقسم عن القبيلة مثل كنانة وصوفة .
البطن : ماانقسم فيه انساب العمارة مثل بني عبد القيس وبني مناف .
الفخذ : ماانقسم فيه انساب البطن مثل بني هاشم وبني امية .
العشيرة : ماانقسم من نسب الفخذ .
الفصيلة : ماانقسم من نسب العشيرة .
الرهط : الرجل وعائلته مثل رهط لبيد ورهط دريد .
وقد برع من العرب رجال في معرفة الانساب والفروع والاصول أطلق عليهم اسم النسابين , ومنهم "دغفل بن حنظلة السدوسي" , الذي قيل فيه "لا انسب من دغفل" , وكان لكل قبيلة من قبائل العرب نسّابها المعروف الذي يدافع عن شرفها وعراقتها وعصبيتها , وكانت قيمة النسّابة ومرتبته بين قومه كبيرة .
وكان سيدنا ابو بكر (رض) نسّابة شهيرا , وكانت معرفته بانساب العرب عونا كبيرا للاسلام في بداياته الاولى .
أما النزاع الابدي بين القحطانية والعدنانية أو بين القيسية واليمنية فسوف نعود اليه فيما بعد .
حارب الاسلام العصبية والتفاخر بالانساب واعتبر ان اعرق نسب للمسلم هو تقواه فالولاء للاسلام وحده .
اهتمت العرب بالانساب لأن البيئة التي كانوا فيها وطبيعة الحياة التي عاشوها فرضت عليهم نوعا من التلاحم والتضافر لمواجهة مختلف الاخطار فمن لانسب له لاحماية له ويبحث عن السند في القبائل التي تحتضنه .وقد قسم العرب النسب الى ثلاثة أقسام :
1 - الآباء والاجداد أو الوالدون.
2 - الأبناء والأحفاد أو المولدون.
3 - المناسبون : كل ما عدا الآباء والابناء ممن يتصل بعصب أو رحم
وقسمت العرب أصولها الى :
1 - عرب بائدة أو مندثرة وهم عاد وثمود وطسم وجديس .
2 - عرب عاربة : وهم القحطانيون المتحدرون من صلب يعرب بن يشجب بن قحطان وموطنهم اليمن وأشهر قبائلهم حمير وكهلان .
3 - عرب مستعربة : وهم العدنانيون المتحدرون من صلب اسماعيل (عليه السلام) ورهطه , وكان من نسل اسماعيل عدنان وولده معد واليهما يرجع الفرع العدناني , ومن قبائله الشهيرة اياد وأنمار وربيعة ومضر من أولاد نزار ابن معد
وقد اختلف الناس ايهما أعرق نسبا أهم القحطانيون أصل العرب أم العدنانيون الذين هاجروا الى واد غير ذي زرع (مكة) , وابتنوا البيت العتيق , ومنهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ,واشتد النزاع في الجاهلية وصدر الاسلام بين الفرع القحطاني والفرع العدناني وامتد هذا النزاع الحزبي الى صدر الاسلام والعصر الاموي وأخذ أنصار كل من الفريقين يؤلف الاشعار لنصرة رأيه في العراقة والأحقية بسيادة العرب , وقالوا أشعارا على لسان ابينا آدم(عليه السلام) ولسان قابيل وهابيل . اشتعلت فتنة التنافس وبلغت أشدها في العصر الاموي فكتبت الانساب من قبل أصحاب العصبيات والمصالح فعلى سبيل المثال نالت قبيلة كلب مرتبة عالية ايام معاوية بن أبي سفيان لأنه تزوج منها ميسون بنت بحدل الكلبية , وتسابق النسابون في اختراع انساب عريقة لكلب وللقبائل التي قربها الخلفاء لاستجلاب نصرتها .
وكان من أظهر قبائل العدنانية في النزاع المعروف قبيلة قيس لذلك قيل نزاع القيسية واليمنية أو نزاع المضرية والحميرية للتعبير عن الخلاف الحزبي بين قحطان وعدنان , وهو خلاف شاء الله له ان يستفحل ويؤثر على زخم الفتوحات الاسلامية ويضعف العرب فيما بعد .
6_ الفلك الجغرافيا :
دفعت العرب الحاجة الى المطر و الاهتداء بالنجوم الى علمهم بالسماء وكائنات الجو ، فعرفوا الافلاك والكواكب والنجوم والبروج ومنازل القمر ، والفصول الشمسية الأربعة.
يقول الدينوري في كتاب الأنواء "يقال أن أعلم العرب بالنجوم كلب وبنوشيبان، وأن العلم من كلب في بني ماوية ومن شيبان في مرة. وصحبني رجل من الأعراب في فلاة ليلا، فأقبلت أسأله عن محالّ قومٍ من العرب ومياههم. وجعل يدلني على كل محلة ينجم وعلى كل ضياء (وقد تكون خباء) بنجم. فربما أشار إلى النجم وسماه، وربما قال لي، تراه، وربما قال لي، ولّ وجهك نجم كذا، أي اجعل مسيرك على نجم كذا حتى تأتيهم. فرأيت النجوم تقودهم إلى موضع حاجاتهم كما تقود مهايع الطرق سالك العبارات"
والواقع أن الصحراء الواسعة التي تمتد أطرافها لتتصل باللانهاية تملي على قاطنها أن يعرف موقعه منها، فيعرف كيف يصل إلى مورد الماء وإلى مواطن الكلأ يرعى إبله، ويعرف منازل القبائل الأخرى لكي يغزوها إذا شعر بالقوة أو يفر من وجهها إذا شعر بالضعف.
وكان يشعر بحاجة أقل من ذلك إلى معرفة مواعيد الفصول وهطول الأمطار وتقلبات الجو. وفي الواحات التي تصلح للزراعة كان يريد أن يعرف مواعيد الزراعة ومواعيد الحصاد.
كل هذه الحاجات جعلت الأعراب في الجاهلية وبعد الجاهلية يعرفون مواقع بعض النجوم التي قد تهديهم سواء السبيل.
وكان العرب يسمون هذا النوع من المعرفة بالتنجيم. وعندما أصبح علماً مدروساً سموه علم الهيئة.
العرب في الجاهلية والمجموعات النجومية:
إن صناعة التنجيم القائمة على معرفة الكواكب والبروج لم تزدهر في الجزيرة العربية، ولهذا فإن البروج بحدودها وأشكالها المعروفة عند الحضارات التي سبقتهم لم تكن معروفة لديهم. حتى المجموعات النجومية التي هي خارج نطاق دائرة البروج، لم تكن محددة المعالم. إن تحديد صورة مجموعة من المجموعات يحتاج إلى تدوين ورسم يعطيها شكلها المتفق عليه، وليس هناك من الآثار الكتابية ما يدلنا على ذلك. إن معظم الآثار المكتوبة التي عرفت حتى الآن من الحضارة العربية في اليمن تدل على أن العرب قد أخذوا يعبدون بعض الكواكب وهذه نقلوها في الأرجح عن حضارة ما بين النهرين والفرس. والواقع أن الغالبية العظمى من معارفنا عن مدى إلمام عرب الجزيرة بالنجوم راجع إلى كتاب "صور الكواكب الثمانية والأربعين" لعبد الرحمن الصوفي. ففي هذا الأطلس الدقيق الرائع للمجموعات السماوية يذكر الصوفي ما قالته العرب عن كل مجموعة أو عن بعض نجومها. والذي يلفت الانتباه في تسميات العرب لنجوم السماء، أنهم كانوا يركزون اهتمامهم على نجمين لامعين، قد يكونان في مجموعة واحدة أو في مجموعتين ويشتركان عادة في خطوط الصعود المستقيم – أي أنهما يغربان ويشرقان في وقت واحد تقريبا. فهناك الفرقدان والشعريان والسماكان والهراران والشرطان والزبانيان والفرغان والنسران والمحلفان وما إلى ذلك.
أما نطاق البروج، وهو الذي تسير فيه الكواكب السيارة والشمس والقمر فقد قسموه إلى منازل القمر. رأوا أن القمر ينتقل في السماء في هذا النطاق ويعود إلى الموضع الذي كان فيه (تقريباً) بعد ثمانية وعشرين يوماً. فهو يمكث كل يوم في منزلة. وهذه الطريقة في التسمية كانت معروفة قبلهم في الهند، إلا أن الهنود يقسّمون منطقة البروج إلى سبع وعشرين منزلة.
ولكن تقسيم نطاق البروج إلى منازل لم يعد الأساس الذي يعتمد عليه الفلكيون عندما أصبح التنجيم علماً وأخذوا عن اليونان تقسيم البروج ودخلت صناعة أحكام النجوم ومعرفة الطوالع.
من طبيعة العربي البدوي حب الترحال والتنقل وقد اشتهر عن شعراء الجاهلية وصف الأماكن التي يقيمون فيها أو يرحلون إليها بجبالها ووديانها ومائها واطلالها وقد كان لهذا الاستعداد الفطري تأثير كبير على تطور علم الجغرافيا عند المسلمين ،
| |
|